كان لى صديق وزميل فى «منوف» فشل فى الدراسة حتى مكث ثلاث سنوات فى الشهادة الابتدائية وكان صوته جميلا قويا، حاول أن يحترف الغناء ولم يجد أى فرصة فى أوائل السبعينيات، فحفظ بعض القرآن واحترف قراءته فى سرادقات العزاء بالقاهرة، وبالفعل أقام بمنطقة «فيصل» وكثيرا ما كنت أراه مصادفة أثناء حضورى لعزاء فى القاهرة.
المهم أن صديقى له ابن شاب يبدو أنه أكثر فشلا فى الدراسة، وكان ملتحيا ويواظب على الصلاة بالمسجد، وقد اشتبه أمره على الأمن أيام الثورات فتم سجنه شهرين حتى تبين أنه برىء، لكنه أثناء السجن تم تجنيده من حيث لا يدرى، وبعد الإفراج عنه حصل على عقد عمل كمؤذن لمسجد فى تركيا، وسافر الشاب وهناك تم تزويجه من بنت سورية وسافر معها إلى «داعش». تحكى لى جدة الشاب «أن داعش قرشها حلو جداً وكان يحوّل لنا الدولارات كل شهر!!!».
المهم بعد سنة اتصلت زوجته بعائلته وأفادت أنه استشهد، حيث سقطت عليه قذيفة فى طريقه لصلاة الفجر ويصعب إرسال جثته، وتم إقامة سرادق عزاء ضخم بشارع فيصل حضرة ألوف من الملتحين، يقول عم الشاب إن جماعات كثيرة حضرت العزاء لم أعرف منهم أحدا سددوا تكلفة العزاء بالكامل وانصرفوا وكأن شيئا لم يكن.
أعلاه ما خطه صديقى «محمد» ابن أستاذى المرحوم الحاج أحمد البهنيهى أستاذ اللغة العربية بمدرسة الأقباط بمنوف، وهو صادق ورث الصدق ضمن فضائل أورثها إياه أبوه طيب الذكر، وعليه نقف على الحروف نتبين نقاطها الخطيرة..
أولاً: تم تجنيد الشاب «ابن المقرئ» فى السجن، وهذا جد خطير، خلايا داعش النائمة تنشط داخل السجون، ينسلون تحت جنح الظلام، يستغلون «المظلومية» التى يرزح تحت وطأتها النفسية نفر من الشباب، يقنصون الشاردة، ويعزفون نشازا على وتر «الطائفة الممتحنة»، ويدفعون بهم فرادى إلى الصف الداعشى.
ثانيا: شبكات التسفير الى داعش لاتزال نشطة، والطريق سالكة عبر دروب ومسالك، تمكن الشاب من الفرار هروبا خارج البلاد بطرق خفية عبر شبكات الهجرة غير الشرعية التى تدفع بالشباب إلى أتون الانتحار عبر البحار.
ثالثاً: «داعش قرشها حلو»، المال سبيلاً، وكأنه يعمل فى الخليج، ويحولون الدولارات إلى ذويهم، وهم فى القاهرة عنهم وعن أعمالهم ومكانهم غافلون، داعش توفر لهؤلاء رواتب ومعاشات تصل من الخارج تباعا.
رابعا: الجنس سبيل للتجنيد، وسيلة مجربة وناجحة، وتحت دعاوى الزواج من «حوريات»، وببلاش، وتصحبه «الجنية» إلى أعماق التنظيم الذى يتلقفه لحما طريدا، فيحول الغريب إلى انتحارى فى بلاد قريبة، أو ذئب منفرد فى بلاد غريبة، داعش يوفر لوجستيات على الأرض مثل شبكات المافيا العالمية.
خامسا: سقطت عليه قذيفة فى الصحراء، هذا ما بلغ أسرة الفقيد، والله أعلم أين ومتى وكيف سقط صريعاً، ويصعب إرسال جثته، إذا كان له أثر، أو بصحيح أنه مات، داعش يميت الأحياء حتى يظهروا على «يوتيوب» فى عمليات انتحارية بعدها، محو الأسماء من الوجود ليسهل حركتهم عبر الحدود، وفى هذا حكى وحكايات.
سادسا: جماعات غريبة حضرت العزاء، سرادق ضخم بشارع فيصل حضره ألوف من الملتحين، من أين أتى هؤلاء؟ يقول عم الميت: «لم أعرف منهم أحداً سددوا تكلفة العزاء بالكامل وانصرفوا»، أدوا التكليف، وانصرفوا وكأن شيئا لم يكن.
خلاصته البوست خطير، داعش يجد ظهيرا من الجماعات الإرهابية فى الداخل، والاتصالات ساخنة، والتكليفات تصدر، والتجنيد داخل السجون على قدم وساق، أخشى ما جاء فى البوست وما أحجم صديقى عن ذكره حفاظا على أسرار الناس، ولكنه فى كل الأحوال جد خطير.